فصل: الحديث الرابع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


-  الحديث الرابع

- ‏:‏ قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏

- ‏"‏إنما يغسل الثوب من خمس‏"‏، وذكر منها المني،

قلت‏:‏ رواه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏في ‏"‏باب نجاسة البول‏"‏ ص 47 بمعناه‏]‏‏"‏ من حديث ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار، قال‏:‏ مر بي رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأنا أسقي راحلة لي في ركوة، إذا تنخمت فأصابت نخامتي ثوبي، فأقبلت أغسلها، فقال‏:‏ ‏"‏يا عمار ما نخامتك ولا دموعك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك، إنما يغسل الثوب من خمس‏:‏ من البول‏.‏ والغائط‏.‏ والمني‏.‏ والدم‏.‏ والقيء‏"‏، قال الدارقطني‏:‏ لم يروه غير ثابت بن حماد، وهو ضعيف جدًا، انتهى‏.‏ ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ وقال‏:‏ لا أعلم روى هذا الحديث عن علي بن زيد غير ثابت بن حماد، وله أحاديث في أسانيدها الثقات يخالف فيها، وهي مناكير ومقلوبات، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ وجدت له متابعًا عند الطبراني، رواه في ‏"‏معجمه الكبير‏"‏ من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد به سندًا ومتنًا، وبقية الإسناد‏:‏ حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر ثنا إبراهيم بن زكريا العجلي ثنا حماد بن سلمة به‏.‏

واعلم أني وجدت الحديث في نسختين صحيحتين من مسند البزار‏:‏ من رواية ثابت بن حماد، وليس فيه المني، وإنما قال‏:‏ إنما يغسل الثوب من الغائط‏.‏ والبول‏.‏ والقيء‏.‏ والدم‏.‏، انتهى‏.‏ قال البزار‏:‏ وثابت بن حماد كان ثقة، ولا يعرف أنه روى غير هذا الحديث، انتهى‏.‏ نقل البزار ذلك عن شيخ شيخه إبراهيم بن زكريا، وقال البيهقي في ‏"‏سننه الكبرى‏"‏ في ‏"‏باب التطهير بالماء دون المائعات‏"‏‏:‏ وأما حديث عمار بن ياسر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال له‏:‏ ‏"‏يا عمار ما نخامتك‏"‏ إلى آخره، فهو باطل لا أصل له، إنما رواه ثابت بن حماد عن علي بن يزيد عن ابن المسيب عن عمار، وعلي بن زيد غير محتج به، وثابت بن حماد متهم بالوضع، انتهى‏.‏ وكان البيهقي رحمه اللّه توهم أن تشبيه النخامة في الحديث بالماء في الطهورية، وليس كذلك، إنما التشبيه في الطهارة، أي النخامة طاهرة لا يغسل الثوب منها، وإنما يغسل من كذا وكذا، ولفظ الحديث يدل عليه، إذ لا يلزم من تشبيه شيء بشيء استواؤهما من كل الوجوه، فصح أن ما قاله غير ظاهر، وعلي بن زيد روى له مسلم مقرونًا بغيره، وقال العجلي‏:‏ لا بأس به، وفي موضع آخر قال‏:‏ يكتب حديثه، وروى له الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وقال الترمذي‏:‏ صدوق ‏[‏من رجال اللسان‏]‏، وثابت هذا، قال شيخنا علاء الدين‏:‏ ما رأيت أحدًا بعد الكشف التام جعله متهمًا بالوضع غير البيهقي، وقد ذكره في ‏"‏كتاب المعرفة‏"‏ في هذا الحديث، ولم ينسبه إلى الوضع، وإنما حكى فيه قول الدارقطني‏.‏ وقول ابن عدي المتقدمين، واللّه أعلم‏.‏

- الحديث الخامس‏:‏ عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏

- ‏"‏زكاة الأرض يبسها‏"‏ ‏[‏استدل أبو داود على المسألة بحديث أبي هريرة‏:‏ كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك، وبوب عليه بقوله‏:‏ ‏"‏باب طهور الأرض إذا يبست‏"‏ ص 60، وأخرجه البخاري في ‏"‏الوضوء‏"‏ في ‏"‏باب إذا شرب الكلب في الإناء‏"‏، ولكنه لم يذكر تبول، وأخرج غيره بسند البخاري، وزاد قبل قوله‏:‏ تقبل، تبول، وبعدها واو العطف قاله الحافظ‏.‏‏]‏‏.‏

قلت‏:‏ غريب، وأخرجه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ عن أبي جعفر محمد بن علي، قال‏:‏ زكاة الأرض يبسها، وأخرج عن ابن الحنفية ‏[‏في ‏"‏باب من قال‏:‏ إذا كانت جافة فهو زكاتها‏"‏ ص 41، وأثر أبي جعفر في الباب الذي قبله ص 41‏.‏‏]‏ وأبي قلابة، قال‏:‏ إذا جفت الأرض فقد زكت، وروى عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة، قال‏:‏ جفوف الأرض طهورها، انتهى‏.‏ وقد يستدل الخصم بما أخرجه مسلم ‏[‏في ‏"‏باب وجوب غسل البول وغيره‏"‏، والبخاري أيضًا في ‏"‏الطهارة‏"‏ وفي ‏"‏الأدب‏"‏ في ‏"‏باب الرفق في الأمر كله‏"‏ ص 890‏.‏‏]‏ عن أنس، قال‏:‏ بينما نحن في المسجد مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏لا تزرموه، فتركوه حتى بال، ثم أمر رجلًا فدعا بدلو من ماء فشنه عليه‏"‏ مختصر، وورد فيه‏:‏ ‏"‏الحفر ‏"‏ من طريقين مسندين‏.‏ وطريقين مرسلين‏:‏ فالمسندان‏:‏ أحدهما‏:‏ عن سمعان بن مالك عن أبي وائل عن عبد اللّه، قال‏:‏ جاء أعرابي فبال في المسجد، فأمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بمكانه فاحتفر وصب عليه دلوًا من ماء، انتهى‏.‏ وذكر ابن أبي حاتم في ‏"‏علله‏"‏ أنه سمع أبا زرعة يقول في هذا الحديث‏:‏ إنه منكر ليس بالقوي، انتهى‏.‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏ص 48، والطحاوي‏:‏ ص 8، وقال الدارقطني‏:‏ سمعان مجهول‏]‏‏"‏ الثاني‏:‏ أخرجه الدارقطني أيضًا عن عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس أن أعرابيًا بال في المسجد، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏احفروا مكانه، ثم صبوا عليه ذَنوبًا من ماء، قال الدارقطني‏:‏ وهم عبد الجبار على ابن عيينة، لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد بدون ‏"‏الحفر‏"‏، وإنما روى ابن عيينة هذا عن عمرو بن دينار عن طاوس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏احفروا مكانه، مرسلًا، انتهى‏.‏ وأما المرسلان‏:‏ فأحدهما‏:‏ هذا الذي أشار إليه الدارقطني، رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏‏.‏ والثاني‏:‏ رواه أبو داود في ‏"‏سننه ‏[‏في ‏"‏الطهارة‏"‏ في ‏"‏باب الأرض يصيبها البول‏"‏ ص 60‏.‏‏]‏‏"‏ عن عبد اللّه بن معقل قال‏:‏ صلى أعرابي، فذكر القصّة، وفي آخره، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماءًا، قال أبو داود‏:‏ هذا مرسل، فإن ابن معقل لم يدرك النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏.‏

- حديث لأصحابنا في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم، أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 154، والبخاري في ‏"‏التاريخ‏"‏ الصغير له‏"‏ ص 138، قال‏:‏ روى روح بن غطيف به، وقال‏:‏ هذا لا يتابع عليه‏]‏‏"‏ عن روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم، وفي لفظ إذا كان في الثوب قدر الدرهم من الدم غسل الثوب وأعيدت الصلاة، انتهى‏.‏ قال البخاري‏:‏ حديث باطل، وروح هذا منكر الحديث، وقال ابن حبان‏:‏ هذا حديث موضوع لا شك فيه، لم يقله رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ولكن اخترعه أهل الكوفة، وكان روح بن غطيف يروي الموضوعات عن الثقات، وذكر ابن الجوزي في ‏"‏الموضوعات‏"‏ وذكره أيضًا من حديث نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه، وأغلظ في نوح بن أبي مريم‏.‏ قوله‏:‏ وإنما كان يعني بول ما يؤكل لحمه، مخففًا عند أبي حنيفة‏.‏ وأبي يوسف، لمكان الاختلاف في نجاسة أو لتعارض النصين، يشير بتعارض النصين، إلى حديث ‏"‏استنزهوا من البول‏"‏ مع حديث العرنيين، وقد مرّا، وكذلك قوله‏:‏ ‏"‏وإن أصابه بول الفرس لم يفسده حتى يفحش عند أبي حنيفة لتعارض الآثار، يشير إليهما أيضًا‏.‏

-